ألادب والشعرعاجلكتاب و آراء

خَوف يُولِد نجاح بقلم :نورا هلالي

Advertisement

   بقلم : نورا_هلالي

جميعنا اتينا إلي تلك الحياة ولدينا الكثير من المميزات والعيوب حتى إن حَسُنت اشكالنا بالتاكيد يكون العيب كامن داخلنا فنحن لسنا ملائكة او متكاملين من كل شئ لان الكمال لله وحده (سبحانه وتعالي) ونحن كبشر لسنا مثاليين ،لكن الكثير منا يتغافل عن تلك العيوب الدفينة ويحاول ان يدعي الملائكية حتي سلبوا مني السعادة وتركوني وسط التنمر والالم.

فعندما كنت في سن السادسة وجدت بقعة تختلف عن باقي لون جسدي فلم اهتم لها ولكنها مع مرور الوقت تكبر وتتسع فلاحظت والدتي ذلك فذهبت للطبيب وعرفت اني اعاني من مرض يسمى (البهاق) وهذا يسبب اختلاف في لون البشرة ولكنه ليس مرض مُعدي ، و مع الوقت واتساع تلك البقع وانتشارها في جسدي كنت ارتدي ملابس طويلة حتي لايخاف مني اخوتي واصدقائي فأنا كنت اري نظرات الدهشة في عيونهم دائما ، تلك النظرات الجارحة المؤلمة التي تؤذيني ولكن ليس هناك احد يشعر بما بداخلي من حزن والم ، وكان بُعد اخوتي وخوفهم مني قاتلاً لي و كذلك اقاربي الصغار اللذين يبتعدوا عني حتي بقيت وحيدة انا والبهاق ، ولكني برغم اعتيادي علي الوحدة فمازلت لا اعتاد علي تلك الكلمات الجارحة ودهشة اصدقائي في المدرسة من لون وجهي المختلط بين لون فاتح واخر غامق ، سئمت من نظرات الشفقة في عيون البشر في الشارع كنت اشعر اني وحدي من تمتلك ذلك المرض ، برغم ان امي كانت تخبرني ان ذلك المرض يعاني منه الكثير في العالم اي ليس مرض فردي أُصيبت به دون سائر البشر ، ولكن الجانب الجيد لي او القشة التي اتعلق بها دائما والملجأ الوحيد لي هي امي حيث كانت دائمًا تدعمني وتقول لي بثقة :” يا سمر انتي جميلة وذكية وتستحقي كل حاجة حلوة متخليش جهل الناس يأثر عليكي … ربنا اختار انك تبقي كدة عشان يميزك عن باقي البشر … وهتشوفي بكرة هتبقي حاجة كبيرة اوي وكل الناس هتحبك وانا واثقة فيكي”.

كنت اصدق تلك الكلمات لانني فقط اريد ان اصدقها واريد ان ارى من يؤمن بي في هذه الحياه ولكن الامل الاكبر الذي اعيش عليه ان امي تخبرني انه هناك علاج له وسوف اعود كما كنت في السابق ولكن مع تقدم عمري ووصولي للجامعة عرفت ان هذا المرض ليس له علاج و اني ساظل هكذا دائما ولكنني اعتدتُ علي نفور الناس من حولي منذ ايام المدرسة وتجمعات زملائي للحديث عني والهمسات المتطايره عن هيئتي التي اسمعها و تثقب قلبي قبل اذني وذات مرة كنت استقل الحافلة وجاء سيدتين جلسوا خلفي واختارو شكلي كي يكون حديثهم المسلي لهم في الطريق ولكني لم انسي تلك الكلمات ابدًا فقالت إحداهم بصوت منخفض ظنًا منها اني لن اسمع ما تقوله بنبرة شفقة :”ياعيني دي جميلة بس لون ولون… اكيد هي علطول كدة وحيدة ”
-لترد عليها الاخري بنبرة مشفقة ايضا :”اكيد دي مفيش حد بيرضي يشغلها فمكان او حتي يتجوزها …لانها ملونة “.

سمعت تلك الكلمات ولم استطيع ان اكمل طريقي فاوقفت الحافلة ونزلت منها وانا امشي وحيدة ودموعي تنهمر علي وجهي ،ولكن كلامهم صحيح فانا كلما اردت ان اعمل اقدم السيرة الذاتية ويوافقوا علي ولكن في المقابلة الشخصية لا اسمع سوي كلمة واحدة وهي “حسنا … سنخبرك قريبا ان تم قبولك ام لا ” ولكنني بعد وصولي الي المنزل اجد رسالة تنتظرني لتخبرني انه تم رفضي ، لكني لم اكن انتظر تلك الرسالة فانا اعرف الاجابة من نظرة المدير منذ الوهلة الاولي برغم حصولي علي شهادة جيدة وهي بكالريوس تجارة إلا ان الرفض من المجتمع كله اصبح حليفي ، وانا لم اعد اتحمل نظرات المحاطين بي في المجتمع من شفقة وسخرية وهمسات للتنمر او ان يشير احد عليّ ليسخر مني ، سئمت من كوني دائما حديث الجميع من حولي لذلك قررت انهاء حياتي بنفسي طالما تلك النهاية لاتود ان تاتي بمفردها ، فاحضرت سكين وقررت ان اقطع شراييني لأنهي تلك الحياة المأساوية المليئة بالتنمر والالم النفسي والمعاناة في كل يوم بل كل دقيقة فأمسكت السكين وكدتُ ان افعلها لكني وجدت نفسي احدث الله بصوت باكي متمزق من تلك الحياة قائلة :”يارب سامحني انا عارفة ان اللي انا عايزة اعمله دة حرام بس انا تعبت والناس كلامها مؤذي جداا ومبيرحموش وانا اتحملت سنين كتير اوووي لكن خلاص مش قادرة اتحمل تاني…..لو في اي امل ممكن يخليني اعيش عشانه هعيش لكن مفيش …فسامحني يارب” ولكن كأن القدر انقلب راسا علي عقب وتحول مسار حياتي فجأة فوجدت امي تناديني طالبة مني ان أتي لها مسرعة وعندما ذهبت طلبت مني ان استمع للشخص المتحدث بالتلفاز وكان شخص مصاب بالبهاق ايضا وكان يعاني من السخرية والتنمر ايضا ولكنه لم يستسلم بل قرر ان ينتقم من الجميع ولكن ليس لانتقام الحرفي اي سلبي ولكن انتقام ايجابي وهو نجاحه في الحياة ليثبت للجميع ان اختلافه في الشكل ما هو الا اثبات علي انه حقا مختلف ويستحق ان يعرفه الجميع ويفخرون به لا ليتنمروا عليه .
لم اكمل الاستماع له بل رنت في اذني تلك الكلمات ودخلت غرفتي وقررت ان يكون انتقامي هو صدمة للجميع بنجاحي وليس بموتي وندمت علي ما كنت سافعله ، فجلست افكر فيما استطيع ان افعله ثم وجدت الفكرة فكوني جالسة دائما وحدي كنت ارسم لوحات واكتب قصص كثيرة ولكنني قررت عندما انضم الي هذا العالم انضم بهوية غير هويتي الحقيقية وبعد نجاحي اظهر نفسي اثبت للجميع ان النجاح والافكار الجيدة والمواهب تخرج من جميع البشر فقمت بانشاء صفحة علي مواقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) وغيرت اسمي وصورتي و بدات انشر لوحاتي التي رسمتها للطبيعة ولاشخاص مشهورين وانشر قصصي وبدا الجمبع يشاركهم والعديد من الناس كانوا يطلبوا مني ان ارسم لوحات لاصدقائهم ليهادوهم بها وحتي كان منهم اصدقاء من الجامعة اللذين كانوا يتنمروا علي ، وبعد سنة من شهرتي سجلت فيدبو ونشرته لاثبت للجميع اني انا من فعلت ذلك انا من طلبوا مني ان ارسم لهم وانا من تشاركوا قصصي بين بعضهم .

وكانت التعليقات كثيرة منها من كان يندهش اني كنت معه في الجامعة ولا تظهر موهبتي ، ومنهم من يري ان اختلافي في الشكل يدل ايضا علي اختلافي الجيد في العقل واني استحق التقدير والاحترام ، منهم من اعتذر لي عما كان يراه تجاه البشر المختلفين في

وكانت التعليقات كثيرة منها من كان يندهش اني كنت معه في الجامعة ولا تظهر موهبتي ، ومنهم من يري ان اختلافي في الشكل يدل ايضا علي اختلافي الجيد في العقل واني استحق التقدير والاحترام ، منهم من اعتذر لي عما كان يراه تجاه البشر المختلفين في الشكل .

اصبح الكتير متضامنًا مع اصحاب الاختلاف الظاهري ، وانا الان فخوره بنفسي وبحياتي التي اصبح لها معنى، وايضا عندما زادت شهرتي طلب مني مذيع ان يستضيفني في برنامج ليثبت للجميع اما اصحاب البهاق او اي مرض ظاهري لا ينقصهم شيء بل يزيدهم وبعد عرض الحلقة لقيت اعجاب شديد من الجميع حتى انهم كانوا يوقفوني في الشارع ليلتقطوا الصور معي والان انا لم اعد سمر التي يرفض الجميع الوجود بجانبها بل يرغبون في التواجد والحديث معها واستطعت ان اجعل انتقامى لهم في لومهم لنفسهم.

#نورا_هلال

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى