كتاب و آراء

الدولة بين مطرقة الفساد وسندان الفشل

Advertisement

تدعي الكثير من الدول النامية ان سبب تأخرها عن ركب الحضارة وتوقف عجلة النمو الاقتصادى ترجع الي فساد اجهزة الدولة وعدم وعي المواطن بالحقوق والواجبات ونظراً للضعف الاقتصادى فينمو معدل الفساد ويزيد من بين أطراف المجتمع خلايا سرطانية تتحكم في الجهاز الادارى للدولة مما يزيد من ضعف هذا الجهاز،

فتحاول الدولة خلق منظومة رقابية تعمل علي مراقبة للجهاز الادارى ورصد حالات الفساد من رشوة ومحسوبية واستغلال الي اخره من المسميات الدالة علي الفساد ، لكن ومع الأسف تجد الدولة نفسها في مأزق أخر وهو خلق سلطة رقابية لها المزيد من الصلاحيات والتي تقوم علي السطو والسيطرة علي اجهزة الدولة وتتحكم في مصيرها ويرتفع معدل الفساد نظرا لفساد هذه الاجهزة الرقابية.

 

 

1- الفساد الإداري ام فشل الدولة :

على الرغم من وجود الفساد الإداري واعترف بأنه حقيقة  مؤكدة، إلا اني أرى ان  اعتقاد الدولة بهذا المصطلح  يعد خطئًا جسيمًا وتوجهه سلبي يدل وان دل علي تَخَلَف النظام وعدم فهم حقيقة بناء الدولة ، وذلك لان الأنظمة التي تؤمن بهذا المفهوم تتسم بنظام حكم الرجل الأوحد ومركزية القرار بحجة عدم وقوع الدولة في قبضة التكتلات السلطوية داخل اجهزة الحكم.

فمفهوم الدولة الفاسدة بعموم إطلاق المصطلح هو تعريف خاطئ ، ونظرًا لخطأ إطلاق المصطلح وعدم فهم طبيعة التخلف والرجعية فبالتالي يتسبب في علاج اسوء، يؤدى الي المزيد من الفساد . اما حقيقة التعريف والمسمى الحقيقي هو الدولة الفاشلة او منظومة الفشل والتي تؤدى الي كل ما سبق ذكره .

 

2- الدولة الفاشلة تحتاج إلى فساد الدولة :

لتقريب معني ومفهوم الدولة الفاشلة، سوف أحاول استعراض  بعض الأمثلة لتقريب المعني ومفهوم المصطلح ولنكن علي اتفاق ان تصحيح مفهوم المصطلح وفهم تبعياته ، هو المؤدى الي تصحيح المفاهيم ووضع المتخصص علي الطريق الصحيح .

يعرف الفشل بانه عكس النجاح، وهو عدم القدرة علي الوصول للهدف او عدم القدرة علي تخطي مراحل معينة، ويرجع هذا الفشل الي عوامل عديدة منها عدم وجود القدرات اللازمة للنجاح او عدم وجود الإرادة او الحافز، ففقدان المحفزات او الإرادة لا يعني ان الشخص الفاشل هو شخص فاسد ، هذه اكبر جريمة في حق من لم يصبه او يحالفه التوفيق في ان يكون ناجحاً فكل ومعظم الاسماء والدول التي ذكرها التاريخ وخلدها هي مرت بمراحل من الفشل واستطاعت التغلب عليه لتصل الي قمة النجاح ولكن هل يعفي النجاح من الفساد؟؟ ستأتي إيجابة هذا السؤال بعد طرح بعض الأمثلة لمنظومة الفشل ودور الفساد فيها، فعلى سبيل المثال ليكن عندنا نموذج من الفشل في بعض المدارس مثلا ونسمع اخر العام جملة شهيرة (لم ينجح احد ) هذا نموذج لمؤسسة فاشلة واستمرار هذه المؤسسة في العمل يحتاج لمنظومة فساد لتقوم علي مساعدة الطلبة الفاشلة علي اجتياز مرحلة دراسية ولتستطيع المؤسسة استيعاب اعداد اخرى لطلبة الصفوف اللاحقة . قد يكون هذا المثال غريبا ولكنه واقعياً وهذا ما يحدث في أنظمة التعليم للدول الفاشلة، حيث ان هذه الدول لا تسعي ولا تهتم بجودة التعليم او جودة المتعلم ولأنها لاتملك آلية أو منظومة متقدمة  – وحتي ان امتلكتها فهي لاتملك قدرات بشرية متطورة او مؤهلة – لتطبيق هذه المنظومة،  كما انها لا تسعي لتكريس هؤلاء الطلبة لخدمة الجهاز الاداري مستقبلاً.

 لنخلص بذلك، أن  نظرية الدولة الفاشلة تحتاج الي منظومة فساد تساعدها علي اجتياز المراحل والمرور الي مراحل اخرى واتاحة الفرص للجميع للمشاركة . عكس هذه النظرية فإن الدولة الناجحة تحتل مراكز متقدمة ولضمان هذا التقدم ومصداقيته لا يسمح باي منظومة او اي محاولة للفساد فيها لان الفساد فيها يعني اجتياز الاقل قدرة ،مراحل اكثر تقدما عن النخبة المعول عليها قيادة الدولة أو وصول ما هو دون المستوى المطلوب.

 

3- الدولة الفاشلة أم الدولة الفاسدة:

 من المعروف أن الفساد لا يعني الفشل، فمعظم الفاسدين من النخبة الناجحة والتي اعتلت مناصب كبيرة ،اما الفاشل فهو لا يستطع أن ينجح في الوصول الي اي من المناصب. هناك طبيب فاسد وليس طبيب فاشل فالفاشل لا يستطيع ان ينجح في الحصول علي شهادة الطب ، لذلك الدولة الناجحة او المتقدمة يقوم اقتصادها علي تحصيل الضرائب من افراد مواطنيها لذلك تهتم بنجاح الفرد والمؤسسة لتحصل علي اعلي حصيلة ضرائب. اما منظومة الدولة الفاشلة تعتمد علي مواردها من مقدرات الدولة وتقوم بدعم المواطن والذى يصبح عائق وحملاً زائدا علي الدولة فيكون في صالحها التخلص من هذا المواطن، وذلك اما بفتح ابواب الهجرة او إهماله او حتي وفاته بالامراض او غيرها او الدعوة لتحديد النسل، لذلك لابد للدول الفاشلة أن تقوم بمنظومة مقننة للفساد او التسهيلات ، وإذا كانت هناك ارادة حقيقية فعليها رفع شعارتجفيف منابع الفساد او مقاومة وعلاج الفشل وهذه المنظومة تحتاج لاختيار النخبة الواعية لقيادة مفاصل الدولة ووضع القواعد والقوانيين والنظم والتي تحول دون الوصول لفرص الفساد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى